لـم يصدق الطفل رباح (10 أعوام) من بيت حانون عينيه وهو يرى صورة والده وعمه معصوبي الأعين ومكتوفي الأيدي، وإلى جانبهما مجندة إسرائيلية تستهزئ بهما، وهي الصورة التي نشرتها، مؤخراً، الـمجندة عبر موقعها على صفحة "فيس بوك"، وأحدثت ضجة إعلامية كبيرة جسدت الانتهاكات التي يتعرض لها الـمعتقلون الفلسطينيون.
وتعود الصورة للـمعتقلين الشقيقين أسعد (44 عاماً) وسعيد صلاح (42 عاماً) من بيت حانون إلى وقت اعتقالهما قبل نحو ثلاثة أعوام.
وقال الصبي رباح الذي يعاني من إعاقة: إنه لـم يشاهد والده أسعد وعمه سعيد وشقيقيه وابن عمه منذ اعتقلتهم قوات الاحتلال من منزلهم في بيت حانون، لكنه فوجئ عندما شاهد صورة عمه ووالده برفقة مجندة إسرائيلية.
وأعادت الصورة ذاكرة زوجة الأسير أسعد إلى ثلاثة أعوام مضت، حين اعتقل زوجها وشقيقه واثنان من أبنائها هما فهمي (23 عاماً) متزوج ولديه طفلة، وصلاح (19 عاماً)، وابن عمهما فهمي في العشرينات من عمره، خلال إحدى مرات الاجتياح لبلدة بيت حانون أواخر العام 2007.
وقالت: إن نشر صورهما بمثابة صدمة كبيرة لنا، وشعرنا بالحزن الشديد بسبب قيام جنود الاحتلال بتعذيبهم وإهانتهم، مشيرة إلى أن الصورة قديمة وتزامنت مع لحظة اعتقالهما ويظهران فيها بالـملابس التي كانا يرتديانها وقتذاك.
وأشارت أم فهمي إلى معاناة زوجها وابنيها داخل سجون الاحتلال، لافتة إلى أنها وبقية أفراد الأسرة لـم يشاهدوهم منذ اعتقالهم، ولا يمكنهم زيارتهم داخل السجن، مشيرة إلى أن زوجها يعاني من أمراض وأُدخل مستشفى إسرائيلياً أكثر من مرة بحسب أنباء تستقيها من أُسر الـمعتقلين في محافظات الضفة الغربية.
وأضافت: إنهم قضوا نحو عامين في السجن دون تقديمهم للـمحاكمة، إلى أن حكمت محكمة إسرائيلية، مؤخراً، على زوجها بالـمؤبد بحجة انتمائه لأحد التنظيمات الفلسطينية، فيما لـم يتم الحكم على باقي الـمعتقلين من أفراد أسرتها، رغم مرور ثلاث سنوات على اعتقالهم.
كانت الأسرة تعيش في منزل مركب يبعد نحو 700 متر عن السياج الحدودي شرق بيت حانون، يؤوي أسرتي الشقيقين الـمكونتين من نحو 25 فرداً، وتعرض أكثر من مرة للقصف والتفتيش إلى أن اعتقل رجال الأسرة الخمسة.
وزادت أم فهمي: إنهم بعد الاعتقال مكثوا في الـمنزل لكنهم لـم يسلـموا من الـمضايقات الإسرائيلية، حتى أبلغوا بقرار قصف الـمنزل وضرورة إخلائه خلال الحرب، ففقدوا الـمأوى بعد أن دمرته طائرات الاحتلال، ويسكنون في منزل مؤجر في ظروف شديدة الصعوبة، من بينها الآلام النفسية التي تشعر بها الأسرة نتيجة اعتقال خمسة من أفرادها.
وتؤكد أم فهمي أن الأسرة تفتقر إلى أدنى مقومات العيش الكريم، فلا مساعدات بينما يواجهون حياة قاسية، ما يضطرها إلى طرق أبواب الـمؤسسات الخيرية، لاسيما في شهر رمضان، بحثاً عما يساعدها في مواصلة العيش والتأقلـم مع مستجدات ظروفها، موضحة أنها تقسّم وقتها ما بين الاعتناء بأطفالها، خصوصاً رباح الـمعاق، وبين زيارات لهذه الـمؤسسات للسؤال عن معونات لهم.
ورغم مرور أقل من عامين على انتهاء الحرب، إلا أن قوات الاحتلال لا تزال تمنعهم من الوصول إلى منزلهم الـمدمر، تحت طائلة التهديد بالقتل في حال عادوا إليه.
أما بهجة رمضان وطقوسه، فلا تشعر بها هذه الأسرة، ولا باقتراب عيد الفطر، الذي ليس لديها استعدادات خاصة لاستقباله وهي مشتتة ما بين متابعة أخبار ذويها في سجون الاحتلال والشوق لرؤيتهم، وما بين تدبير أمور الأطفال وباقي شؤون الأسرة، في حالة تصفها أم فهمي بأنها لحظات قاسية على النفس والأبناء في غياب أبيهم وأشقائهم، لكن ما يخفف عنها قليلا أنها أوضاع مشابهة لـما تمر به عائلات الأسرى بسبب غيابهم، وكذلك الأسر التي فقدت الـمأوى.